يأتي صوم رمضان هذا العام والأعوام التي تليه في صيف حار ويصحبه عطش شديد وإرهاق متوقع مما يجعل فريضة الصوم للصائمين حقاً والعاملين الجادين مختلفة عما سبقها من أعوام، فالنهار طويل، والشمس حارقة، والليل قصير، والعرق غزير، يصوم العبد ما بين 14 إلى 16 ساعة تقريبا.
ويتساءل البعض عن حكمة الصوم في مثل هذا الجو القائظ، ولماذا جعل الله شعائر الإسلام مرتبطة بالتقويم الهجري؟، ويعلو التساؤل أخيراً ليبحث أين اليُسر في الصوم؟ وقد كرر الله مرتين في آيات الصيام (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185).
الصوم تدريب للنفس على قوة الإرادة ومضاء العزيمة، وتغيير السلوك، وعدم الخضوع للعادات الرتيبة، أو المطالب الدنيوية، أو الغرائز الجسدية، -ولو كانت حلالاً صرفاً- فما بالك بالابتعاد عن الحرام أو المكروه؟.
هي فريضة يريد الله منها أن يتعود المرء على ترك العادات، وأن يتحول في حياته كلها كما تحول من المعصية إلى الطاعة، وأن يهجر ما ألفه إلى غير المألوفات، وأن يزداد من الطاعات، وألا يقف في سيره إلى الله - تعالى -عند حد.
وقد ربط الله - تعالى -شعائر الإسلام بمولد القمر وتدرجه، وهو من المشاهد التي يرتبط بها الإنسان في يومه وأسبوعه وشهره وسنته؛ ليعلم المسلم أنَّ خالق هذا الكون ومدبره والقيوم على كل ما فيه الذي يدير الفلك ويدبِّر أمر السماوات والأرض هو الذي يأمره فيطيعه، وهو صاحب الأمر والنهى، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)(الأعراف: 54).
ولذلك كان حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)).
أما السؤال عن اليُسر في شريعة الصوم فإن الحديث عنه يطول وله تفصيل.. ولكننا نوجزه في تلك الإشارات:
أولاً: أخبر لله المسلمين عندما فرض عليهم الصيام أنَّ كل الأمم من قبلهم صامت لله رب العالمين، وبذلك فهم يسيرون على طريق ودرب المتقين..(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183). فلم يكلفهم الله ما لا طاقة لهم به، ولم يفرض عليهم إصراً، ولم يكلفهم عنتاً.
ولكنَّ صيام المسلمين أكثر يُسراً، وأقوى تأثيراً؛ لأنه خاتم الشرائع السماوية، وبه اكتملت كلمة الله للخلق أجمعين، فهو فريضة محكمة، وركن من أركان الدين، يصومه كل المسلمين، مجتمعين في شهر واحد؛ ليكون أقوى تأثيراً في النفوس وأدعى للاجتماع على الطاعة.
ثانياً: بيَّن الله - تعالى - أن الصوم لأيام معدودات، فهو ثلاثون يوماً سرعان ما تنقضي، شهر واحد من اثني عشر شهراً في العام، قد يكون مرهقاً في أيامه الأولى فقط، وبعد انقضاء 3-5 أيام يصبح معتاداً للنفس، ولحكمة الصوم لا يستمر إلا أياماً معدودة ثلاثين أو 29 ثم يعود المرء إلى سيرته الأولى؛ ليحقق الصوم حكمته في النفوس ويكون تدريبا لبقية العام.
ثالثاً: فرض الله الصوم على البالغ العاقل الصحيح المقيم، ورخَّص الله بالفطر للمسافر والمريض الذي يُرجى برؤه والحائض والحامل والنفساء -التي ولدت حديثاً- على أن يقضوا أيام فطرهم بعد رمضان؛ تيسيراً لهم، ورفعاً للحرج والمشقة عنهم (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر)(البقرة: 184)
أما المريض الذي لا يُرجى برؤه -أي شفاؤه-، وكذلك الشيخ المسن والعجوز، والذين لا يطيقون الصوم لأعمالهم الشاقة جداً فهؤلاء أباح الله لهم الفطر على أن يقدموا فدية مكان أيام صومهم.. (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)(البقرة: 184).
رابعاً: جاءت ساعات الصيام في اليوم والليلة معتدلة؛ فنهار الصائم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ساعات محددة بدقة لا يخطئها إنسان لتحقيق حكمة الصوم ويسره، فلا تمتد إلى منتصف الليل كبعض الملل الأخرى، ولا تقصر ليضعف تأثيرها في النفس.
ورفع الله الحرج عن أمة الإسلام عندما يسَّر لهم الأمور بقوله - تعالى -: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: من الآية187) بعد أن كان أحدهم إذا نام دون طعام يكمل صومه إلى اليوم التالي، تيسيراً لهم ورحمة بهم.
خامساً: قرن الله شهر الصيام بمنح ربَّانية، وهدايا إلهية مما يجعل القلوب متعلقة بهذا الشهر الفضيل، تنتظر هلاله من العام إلى العام وتختص به الأمة كلها في مشارق الأرض ومغاربها.
فرمضان شهر القرآن، وشهر الإحسان، وشهر الدعاء، وشهر القيام لله رب العالمين.
وفى رمضان ليلة القدر التي هي خيرُ من ألف شهر، يضاعف الله فيها الثواب ويغمر العباد بفضله وإحسانه.
لكل ذلك ولغيره من الأٍسباب والحكم تجد اليُسر واضحاً في شريعة الصيام كما تجده في الأحكام الفقهية المتعلقة بالصوم، وذلك يتكرر في كل شرائع الإسلام، فهي الحنيفية السمحة وهى تصديق لحديث رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ هذا الدين يسر، ولن يُشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه)).
وها نحن نرى ملايين المسلمين يصومون رمضان كل عام، منذ فرض الله صيام رمضان من السنة الثانية للهجرة وإلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة، مليارات من البشر صاموا لله، ويصومون الآن في يسر وسهولة، بعضهم يصوم تحت وهج الشمس الحارقة أكثر من 16 ساعة يومياً دون إرهاق أو تعب، بل يتلذذون بطاعة الله - تعالى -.
وها نحن نرى صبياناً وصبايا في عمر العاشرة يتعودون على الصوم من صغرهم حتى يصبح الصوم لهم سهلاً ميسوراً.
فيا أيها المسلمون أقبلوا على رمضان بقلوب توّاقة، وعقول مشرقة وتأملوا في حكمة الصوم وفي سماحة الإسلام وفى تيسير الله للصائمين القائمين.
واحذروا أيها الصائمون، أن يتحول الصوم عندكم إلى مجرد عادة فيصبح مثل صوم الهنود أو النُسَّاك أو الراغبين في النحافة، بل صومكم صومُ ربَّاني فرضه الله - تعالى - لحكمة بالغة وأحاطه بتيسيرات كثيرة؛ ليقبل المؤمنون على تلك الفريضة عارفين بحكمته، تشرق أرواحهم وتؤمن قلوبهم وترتفع أكفهم بالدعاء إلى الله - تعالى - متضرعين خاشعين ليقبل صومهم ويزكِّى نفوسهم ويطهِّر أرواحهم.
الصوم مشقَّة ولكنه ليس عقوبة.
الصوم مرهق ولكنه لحكمة بالغة.
الصوم شاق على النفوس ولكنه يظهر يُسر الإسلام وشريعته.
إلى الأحباب خلف الأسوار: كل عام وأتنم وأسركم جميعا بخير، تقبل الله منكم الصبر والصوم والدعاء والقيام.
إنها خلوة مع الله فاغتنموها ولا تضيعوا منها أي لحظة.
لقد صمت لله عشرة رمضانات خلف الأسوار، كان لها أكبر الأثر في النفس.
ويتساءل البعض عن حكمة الصوم في مثل هذا الجو القائظ، ولماذا جعل الله شعائر الإسلام مرتبطة بالتقويم الهجري؟، ويعلو التساؤل أخيراً ليبحث أين اليُسر في الصوم؟ وقد كرر الله مرتين في آيات الصيام (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(البقرة: من الآية185).
الصوم تدريب للنفس على قوة الإرادة ومضاء العزيمة، وتغيير السلوك، وعدم الخضوع للعادات الرتيبة، أو المطالب الدنيوية، أو الغرائز الجسدية، -ولو كانت حلالاً صرفاً- فما بالك بالابتعاد عن الحرام أو المكروه؟.
هي فريضة يريد الله منها أن يتعود المرء على ترك العادات، وأن يتحول في حياته كلها كما تحول من المعصية إلى الطاعة، وأن يهجر ما ألفه إلى غير المألوفات، وأن يزداد من الطاعات، وألا يقف في سيره إلى الله - تعالى -عند حد.
وقد ربط الله - تعالى -شعائر الإسلام بمولد القمر وتدرجه، وهو من المشاهد التي يرتبط بها الإنسان في يومه وأسبوعه وشهره وسنته؛ ليعلم المسلم أنَّ خالق هذا الكون ومدبره والقيوم على كل ما فيه الذي يدير الفلك ويدبِّر أمر السماوات والأرض هو الذي يأمره فيطيعه، وهو صاحب الأمر والنهى، (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)(الأعراف: 54).
ولذلك كان حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)).
أما السؤال عن اليُسر في شريعة الصوم فإن الحديث عنه يطول وله تفصيل.. ولكننا نوجزه في تلك الإشارات:
أولاً: أخبر لله المسلمين عندما فرض عليهم الصيام أنَّ كل الأمم من قبلهم صامت لله رب العالمين، وبذلك فهم يسيرون على طريق ودرب المتقين..(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183). فلم يكلفهم الله ما لا طاقة لهم به، ولم يفرض عليهم إصراً، ولم يكلفهم عنتاً.
ولكنَّ صيام المسلمين أكثر يُسراً، وأقوى تأثيراً؛ لأنه خاتم الشرائع السماوية، وبه اكتملت كلمة الله للخلق أجمعين، فهو فريضة محكمة، وركن من أركان الدين، يصومه كل المسلمين، مجتمعين في شهر واحد؛ ليكون أقوى تأثيراً في النفوس وأدعى للاجتماع على الطاعة.
ثانياً: بيَّن الله - تعالى - أن الصوم لأيام معدودات، فهو ثلاثون يوماً سرعان ما تنقضي، شهر واحد من اثني عشر شهراً في العام، قد يكون مرهقاً في أيامه الأولى فقط، وبعد انقضاء 3-5 أيام يصبح معتاداً للنفس، ولحكمة الصوم لا يستمر إلا أياماً معدودة ثلاثين أو 29 ثم يعود المرء إلى سيرته الأولى؛ ليحقق الصوم حكمته في النفوس ويكون تدريبا لبقية العام.
ثالثاً: فرض الله الصوم على البالغ العاقل الصحيح المقيم، ورخَّص الله بالفطر للمسافر والمريض الذي يُرجى برؤه والحائض والحامل والنفساء -التي ولدت حديثاً- على أن يقضوا أيام فطرهم بعد رمضان؛ تيسيراً لهم، ورفعاً للحرج والمشقة عنهم (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر)(البقرة: 184)
أما المريض الذي لا يُرجى برؤه -أي شفاؤه-، وكذلك الشيخ المسن والعجوز، والذين لا يطيقون الصوم لأعمالهم الشاقة جداً فهؤلاء أباح الله لهم الفطر على أن يقدموا فدية مكان أيام صومهم.. (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)(البقرة: 184).
رابعاً: جاءت ساعات الصيام في اليوم والليلة معتدلة؛ فنهار الصائم من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، ساعات محددة بدقة لا يخطئها إنسان لتحقيق حكمة الصوم ويسره، فلا تمتد إلى منتصف الليل كبعض الملل الأخرى، ولا تقصر ليضعف تأثيرها في النفس.
ورفع الله الحرج عن أمة الإسلام عندما يسَّر لهم الأمور بقوله - تعالى -: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: من الآية187) بعد أن كان أحدهم إذا نام دون طعام يكمل صومه إلى اليوم التالي، تيسيراً لهم ورحمة بهم.
خامساً: قرن الله شهر الصيام بمنح ربَّانية، وهدايا إلهية مما يجعل القلوب متعلقة بهذا الشهر الفضيل، تنتظر هلاله من العام إلى العام وتختص به الأمة كلها في مشارق الأرض ومغاربها.
فرمضان شهر القرآن، وشهر الإحسان، وشهر الدعاء، وشهر القيام لله رب العالمين.
وفى رمضان ليلة القدر التي هي خيرُ من ألف شهر، يضاعف الله فيها الثواب ويغمر العباد بفضله وإحسانه.
لكل ذلك ولغيره من الأٍسباب والحكم تجد اليُسر واضحاً في شريعة الصيام كما تجده في الأحكام الفقهية المتعلقة بالصوم، وذلك يتكرر في كل شرائع الإسلام، فهي الحنيفية السمحة وهى تصديق لحديث رسولنا - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ هذا الدين يسر، ولن يُشادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه)).
وها نحن نرى ملايين المسلمين يصومون رمضان كل عام، منذ فرض الله صيام رمضان من السنة الثانية للهجرة وإلى يومنا هذا، وإلى أن تقوم الساعة، مليارات من البشر صاموا لله، ويصومون الآن في يسر وسهولة، بعضهم يصوم تحت وهج الشمس الحارقة أكثر من 16 ساعة يومياً دون إرهاق أو تعب، بل يتلذذون بطاعة الله - تعالى -.
وها نحن نرى صبياناً وصبايا في عمر العاشرة يتعودون على الصوم من صغرهم حتى يصبح الصوم لهم سهلاً ميسوراً.
فيا أيها المسلمون أقبلوا على رمضان بقلوب توّاقة، وعقول مشرقة وتأملوا في حكمة الصوم وفي سماحة الإسلام وفى تيسير الله للصائمين القائمين.
واحذروا أيها الصائمون، أن يتحول الصوم عندكم إلى مجرد عادة فيصبح مثل صوم الهنود أو النُسَّاك أو الراغبين في النحافة، بل صومكم صومُ ربَّاني فرضه الله - تعالى - لحكمة بالغة وأحاطه بتيسيرات كثيرة؛ ليقبل المؤمنون على تلك الفريضة عارفين بحكمته، تشرق أرواحهم وتؤمن قلوبهم وترتفع أكفهم بالدعاء إلى الله - تعالى - متضرعين خاشعين ليقبل صومهم ويزكِّى نفوسهم ويطهِّر أرواحهم.
الصوم مشقَّة ولكنه ليس عقوبة.
الصوم مرهق ولكنه لحكمة بالغة.
الصوم شاق على النفوس ولكنه يظهر يُسر الإسلام وشريعته.
إلى الأحباب خلف الأسوار: كل عام وأتنم وأسركم جميعا بخير، تقبل الله منكم الصبر والصوم والدعاء والقيام.
إنها خلوة مع الله فاغتنموها ولا تضيعوا منها أي لحظة.
لقد صمت لله عشرة رمضانات خلف الأسوار، كان لها أكبر الأثر في النفس.